بحـث
المواضيع الأخيرة
الصمت من أخلاق الرسول
صفحة 1 من اصل 1
الصمت من أخلاق الرسول
الصمت
الصمت عما لا يخصك وعما لا يعنيك مهم في الحياة , لأن الصمت والسكوت يجمع الهمة , ويجمع التركيز في شأنك ومهامك الحياتية , ويحفظ طاقتك الحسية والطاقة المعنوية ,ويصب تلك الطاقة بأمر واحد , لأن كثرة الكلام يشتت طاقة الانسان , ويبذر طاقته وقوته فيما لا فائدة فيه , مثل من يضئ أنوار بيته كلها من غير حاجته , فهو خسران بتبذير طاقة الكهرباء , وخسران أيضا بتسديد فاتورة عالية باهضة الثمن عند صدور فاتورة الكهرباء.
فالكلام الكثير يشتت الفكر , ويبعثر الفكر, لذا جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحثنا ويرشدنا إلى الحرص على الصمت لئلا تضيع طاقتنا , لأن الكلام فعل حقيقة , ولو لم تتعب من الكلام ,هذا في علم التجارة والمال , يعدون الكلام فعلا وطاقة تساوي الفعل والحركة ,لذا التجار الناجحون ورجال الأعمال تجد كلامهم قليلا , حرصا على طاقاتهم في صرفها هباء منثورا.
(أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، " وَكَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ ، قَلِيلَ الضَّحِكِ ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَذْكُرُونَ عِنْدَهُ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ مِنْ أُمُورِهِمْ ، فَيَضْحَكُونَ ، وَرُبَّمَا تَبَسَّمَ " .)رواه أحمد
كثرة الكلام تبعد الانسان من القرب من الرسول
(، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ قَالَ : " الْمُتَكَبِّرُونَ " ،) قَالَ أَبُو عِيسَى : وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، وَهَذَا أَصَحُّ وَالثَّرْثَارُ ، هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ ، وَالْمُتَشَدِّقُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلَامِ وَيَبْذُو عَلَيْهِمْ . رواه الترمذي
ومما يدل على أن القول فعل قوله سبحانه { [url=javascript:Open_Menu()]وَلاَ تَقُولَنَّ لشيئ إني فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً[/url] } فأثبت للقول فعلا.
أما الفقراء العاطلون فحدث ولا حرج , كلامهم كثير , وأفعالهم وحركاتهم قليلة, لأن طاقتهم مهدرة , وبطاريتهم فارغة لو أرادوا أن يفعلوا أفعالا مفيدة .
وهنا نقطة مهمة جدا , هي أن الكلام والتحدث أمام الناس بما تنوي فعله مستقبلا - ولو كان أقرب المقربين إليك- سوف يعطل هذا مشروعك المستقبلي أو يؤخره عن زمنه ,وربما ينسفه نسفا , ولا يظهر مشروعك المستقبلي أبدا , ولا يظهر في حيز الوجود , بسبب لسانك , وبسبب التحدث به أمام الناس.
الواقع يثبت ذلك , والقرآن الكريم حافل بأن الصمت , وكتم نيتك وما تريد تحقيقه ,هو أقرب طريق إلى تحقيق وإبراز ما تنوي عمله مستقبلا على أرض الواقع , وعلى أرض الحقيقة , وذلك دأب وعادة الصوفية الذين تحققوا بفهم القرآن الكريم
نزول الوحي يتأخر عن الرسول
قال الشوكاني
قال المفسرون: لما سألت اليهود النبيّ صلى الله عليه وسلم عن خبر الفتية فقال: " أخبركم غداً " ، ولم يقل إن شاء الله، فاحتبس الوحي عنه حتى شقّ عليه، فأنزل الله هذه الآية يأمره بالاستثناء بمشيئة الله يقول: إذا قلت لشيء: إني فاعل ذلك غداً، فقل: إن شاء الله. وقال الأخفش والمبرد والكسائي والفراء: لا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن تقول إن شاء الله، فأضمر القول ولما حذف تقول نقل شاء إلى لفظ الاستقبال، قيل: وهذا الاستثناء مفرّغ، أي: لا تقولنّ ذلك في حال من الأحوال، إلا حال ملابسته لمشيئة الله وهو أن تقول إن شاء الله، أو في وقت من الأوقات إلا وقت أن يشاء الله أن تقوله مطلقاً، وقيل: الاستثناء جار مجرى التأبيد كأنه قيل: لا تقولنه أبداً كقوله:
{ وَمَا يكون لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلا أَن يَشَاء ٱللَّهُ }
[الأعراف: 89]. لأن عودهم في ملتهم مما لا يشاؤه الله.,
فالمعنى الصحيح للآية الكريمة , هو لا تتكلمن ولا تتحدثن عن نيتك ومشاريعك المستقبلية أبدا, حتى إنه لا حق لك أن تظهر نيتك المستقبلية ولو بالكلام , بل اصمت عن نياتك ونشاطاتك المستقبلية , ولا تتكلمن عنها ولا تتحدثن بها إلا بعد أن تظهر وتتحقق على أرض الواقع , وأرض الحقيقة , بعدها يصح ويحق لك أن تتحدث عن عملك الحقيقي , وفعلك على أرض الواقع , لأنه صار حقيقة وملموسا ومحسوسا على أرض الواقع , لا على أرض الخيال والأمنيات , وهو معنى قوله سبحانه (إِلا أَن يَشَاء ٱللَّهُ ) يعنى أبدا لا تتحدثن عن نيتك ونشاطك المستقبلي إلا بعد أن يتحقق ويظهر على أرض الواقع وتصير النية والمخطط ملموسا ومحسوسا, وليس معناه إذا تحدثت وتكلمت عن نيتك ومشاريعك المستقبلية ,قل إن شاء الله أنا سأبني مسجدا , ونحو ذلك فهذا المعنى مرغوب عنه ,ومعنى ضعيف . لأننا لا نعرف مشيئة الله , هل قضى الله في ازله أن يحقق ويظهرنشاطك المستقبلي أم لا؟ فقضاء الله غيب عنا, ولكن بعد أن تتحقق نيتك فتحدث بها أمام الناس وتكلم بها ,ومع ذلك فلن تعدم حاسدا سيحسدك , والأولى كتم النعم , وعدم ذكرها أمام الغرباء والاقرباء منك .لأن الناس يكرهون ويبغضون ويحسدون من هو أفضل وأنعم منهم . نحن في الدنيا , ولسنا في الجنة , الدنيا كلها حسد , فتح عينيك .
نهانا الله عن التحدث عن المستقبل لأمور
أولا-لأن المستقبل بيد الله سبحانه , ولا يدري الانسان بالمستقبل , هل يعيش أو يموت. فالمستقبل منطقة محظورة , هي حق لله سبحانه , فالعبد لا يجوز له التحدث والتكلم عن المستقبل , لأن الغيب لله وحده , فالعبد ضعيف لا يعرف المستقبل إلا إذا أخبره الله عن المستقبل بطريق الوحي.
ثانيا- لأن التحدث أمام الناس يؤخر تحقيق ما تنوي فعله , بسبب الحسد , أو ينسف نشاطك المستقبلي نسفا ,بسبب قوة حسد المستمعين والمنصتين لأعمالك المستقبلية , فلا يظهر على أرض الواقع أساسا.فيجب الصمت والسكوت عن التحدث بالمستقبل ,( ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٍ ") رواه أبو نعيم في الحلية
(، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى نَجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ لَهَا ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ " .) رواه البيهقي في الشعب
(، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى طَلَبِ حَوَائِجِكُمْ بِكِتْمَانِهَا ، فَإِنَّ لِكُلِّ نِعْمَةٍ حَسَدَةً ، وَلَوْ أَنَّ امْرَءًا كَانَ أَقْوَمَ مِنْ قَدَحٍ لَكَانَ لَهُ مِنَ النَّاسِ غَامِزٌ " . رواه أبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث
( ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى الْحَوَائِجِ بِكِتْمَانِهَا ، فَإِنَّ لِكُلِّ نِعْمَةٍ حَاسِدا " .)رواه حمزة بن يوسف السهلي في تاريخ جرجان
(عَنْ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى إِنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ " .) رواه الطبراني
فيه دلالة على أن الحوائج تبطل وتفشل بالتحدث عنها , وبإخبار الناس بها , وسمعت رجلا تحدث أن زوجنه حملت منه بعد التحليل وكان عمر الجنين اسبوعين , ثم مرت الأيام , وسمعت منه أن زوجته أسقطت الجنين في الشهر السابع , ورأيته والحزن في وجهه.
الثالث- لئلا تسرق أفكارك ومخططاتك المستقبلية , فربما سمعها شخص فأخذ الفكرة واشتغل عليها وجعلها حقيقة ملموسة , وذهبت حقوقك الفكرية , وهو صار مليونيرا من فكرتك المسروقة , كما يقال عن الفيس بك , أن الفيس بك كان فكرة لصاحبين له فسمعها وعمل على إظهارها , وصار من أغنى أغنياء العالم.
حتى صحيح البخاري كان فكرة لشيخ الإمام البخاري رحمهم الله (قال البخاري : كنا عند إسحاق بن راهويه فقال : لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح .
فحفظا لحقوقك الفكرية اصمت واسكت عن أفكارك ونياتك المستقبلية ,
فجاء التأديب الفعلي لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأله اليهود ,واليهود كلهم شر , سألوا الرسول عن الفتية ؟ فقال أجيبكم غدا , فتأخر الوحي خمسة عشر يوما , نصف شهر , لم ينزل الوحي , حسدا من سماع اليهود ,أن الوحي ينزل على الرسول بكثرة , فحسدوه , فأدبه ربه سبحانه تأديبا فعليا بتأخر الوحي نصف شهر, وتأديبا قوليا بقوله سبحانه(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ
إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ ) هنا أكد الله سبحانه النهي بالقول عن التحدث عن النيات المستقبلية والمخططات بالنون الثقيلة بشدة النهي وزاد النهي تأكيدا بقوله (لشيئ) ولو كان شيئا ولو حقيرا فإنك سوف تجد حاسدا , وسوف تجد همة من مستمع أو منصت لكلامك سوف يؤخر نشاطك أو نيتك المستقبلية, ثم أكد النهي بتأكيد ثالث بقوله سبحانه(إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ ) ومشيئته سبحانه غير معلومة للخلق كلهم , فمعناه لا تقولن أبداولا تتحدثن مطلقا ولا تتكلمن أبدا لأي شيء ستفعله في المستقبل قريبا أو بعيدا إلا بعد أن يتحقق ويظهر على أرض الواقع (لكن يجوز لك التحدث عن مشروعك ونيتك بعد ظهوره وتحققه على أرض الواقع , ومع ذلك لن تعدم حاسدا , لأنك في دار الدنيا , والجاهل من يظن أن الناس ملائكة .
ويستفاد من هذا , أن من السنة كتم النعم عن الغير وعدم التحدث بها, خوفا من الحسد , وخوفا على الغير من السخط على ربهم ,وأما قوله سبحانه (وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ ١١) أي حدث وذكر بها نفسك حتى تشكر ربك كثيرا, ولا تتحدث بها أمام الغير خوفا من الحسد , وخوفا من سخط المستمعين على ربهم .
وليس المعنى جواز التحدث بالأمور المستقبلية بقولك مثلا سوف أبني مسجدا إن شاء الله , فهو معنى ضعيف , ومرغوب عنه, بل معناه اصمتن ولا تتحدثن أبدا عن نياتك ونشاطاتك المستقبلية بتاتا حتى تتحق وتظهر في أرض المحسوس والملموس.
هذا سيدنا موسى قال (قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا ٦٩)
ولم يصبر ولو أنه سكت وقال (الله أعلم ) ونحو ذلك , لقص الله علينا من خبره مع الخضر ألف قصة كما ورد بذلك الخبر, ثم أخبره الخضر بأن شرط صحبته الصمت والسكوت (قَالَ
فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسَۡٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا
٧٠)
وفي قصة موسى والخضر ذكر الصبر ومشتقاته سبع مرات ,لأن الصبرأساس النجاح والاتمام لكل فعل وعمل , ومن لم يصبر شقي وتعب .
سيدنا سليمان وكلامه عن نية في المستقبل
هذا سيدنا سليمان تحدث وأظهر نيته عن المستقبل , فبطلت نيته في 99% , وجاءت ناقصة في 1%
(، قَالَ : " قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ : قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ فَأَطَافَ بِهِنَّ وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ " .) رواه الشيخان
(" أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً ، فَقَالَ : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي ، فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلَامٍ ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " .) يعنى لو سكت وأتى وجامع زوجاته لولدت كل نسائه حميعا , وفيه دلالة , أنه يسن للانسان أن تكون نيته للمستقبل يكتمها عن أقرب المقربين إليه حتى عن نفسه , لأن الانسان يحسد نفسه , ويصيب نفسه بعينه , فعليه أن يصمت عن المستقبل , حتى يسلم ويتحقق أمره , ويفوز بتمام النعم عليه ,
ومن أكبر النعم على الانسان أولاده ولاسيما برهم وطاعتهم له, فيسن له ألا يتحدث عن صحتهم وبرهم وطاعتهم له أمام غيره ولو أخاه ,فإنه سوف يحسده , وينقلب حال اولاده بالعكس ,فيعقونه بسبب لسانه , وحسد الناس لهم , لأن الدنيا حسد مثل المطر, ومن النعم العظيمة طاعة ومحبة الزوجين لبعضهما , فلو تحدثا بذلك أمام الناس لسرت همة حاسد منصت للكلام , وقلبت حياتهما شقاء وتعاسة ,بسبب لسانهما وحسد الناس لهما ,لأن الناس مزجت دماؤهم بالحسد ,ونحن في الدنيا ,لسنا في الجنة ,والاحمق من يظن الناس ملائكة, فالصمت الصمت .
(، قَالَ : " كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً ، فَقَالَ : لَأَطُوفَنَّ عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَةَ فَتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، فَتَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ ، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " .) رواه مسلم
وسيدنا سليمان مع ملكه الكبير , ومع كثرة نسائه , لم يلد له الا نصف إنسان يعنى غلاما ليس له رجلان فقط انسان من رأسه إلى بطنه , يالطيف نسأل الله السلامة والعافية, وكان هذا الغلام أحب إليه من ملكه ونفسه والناس أجمعين , ولكنه مات هذا نصف الانسان في حياته .
(وَلَقَدۡ فَتَنَّا سُلَيۡمَٰنَ وَأَلۡقَيۡنَا عَلَىٰ كُرۡسِيِّهِۦ جَسَدٗا ثُمَّ أَنَابَ ٣٤)
قال الشيخ " كل من صحب الجن واستخدمهم ابتلي في أولاده , وكذلك كل من له تعلق بالملائكة والعالم العلوي أو السفلي ابتلي في أولاده .
وكذلك كل من رقى الناس , وقرأ عليهم ابتلاه الله في نفسه وولده بمصائب وأمراض , مشاهد , وهي سنة الله الكونية في خلقه, لذلك يكره للانسان أن يرقي ويقرأ على غيره لأن المرض ينتقل ويتحول إليه , بل كل مريض يرقي ويقرأ على نفسه ,هذه هي السنة المحمدية , والمسلم يرقي نفسه واولاده ومن هو مسؤول عنه , وأما غيرهم فالسنة ألا يرقيهم و لا يقرأ عليهم , بل يأمرهم أن يرقوا أنفسهم,
(: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " .) رواه الشيخان
وهذا ابراهيم أمر بذبح ابنه اسماعيل,( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٠٢)
وهذا سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مات أبناؤه الذكور صغارا أطفالا رضعا في حياته صلى الله عليه وسلم , حتى بناته صلى الله عليه وسلم متن جميعا في حياته صلى الله عليه وسلم إلا السيدة فاطمة الزهراء فعاشت بعده ستة أشهر بعده وماتت رضي الله عنها .
يا سلام يا مؤمن يا باطن يا ستار سلمنا وآمنا واحفظنا واسترنا من أمامنا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ومن تحتنا وفي بواطننا وفي أرواحنا وفي أجسامنا واحفظنا من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال واحفظنا بما لا طاقة لنا به يا ستار يا ستار يا ستار, والله أعلم
الصمت عما لا يخصك وعما لا يعنيك مهم في الحياة , لأن الصمت والسكوت يجمع الهمة , ويجمع التركيز في شأنك ومهامك الحياتية , ويحفظ طاقتك الحسية والطاقة المعنوية ,ويصب تلك الطاقة بأمر واحد , لأن كثرة الكلام يشتت طاقة الانسان , ويبذر طاقته وقوته فيما لا فائدة فيه , مثل من يضئ أنوار بيته كلها من غير حاجته , فهو خسران بتبذير طاقة الكهرباء , وخسران أيضا بتسديد فاتورة عالية باهضة الثمن عند صدور فاتورة الكهرباء.
فالكلام الكثير يشتت الفكر , ويبعثر الفكر, لذا جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحثنا ويرشدنا إلى الحرص على الصمت لئلا تضيع طاقتنا , لأن الكلام فعل حقيقة , ولو لم تتعب من الكلام ,هذا في علم التجارة والمال , يعدون الكلام فعلا وطاقة تساوي الفعل والحركة ,لذا التجار الناجحون ورجال الأعمال تجد كلامهم قليلا , حرصا على طاقاتهم في صرفها هباء منثورا.
(أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، " وَكَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ ، قَلِيلَ الضَّحِكِ ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَذْكُرُونَ عِنْدَهُ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ مِنْ أُمُورِهِمْ ، فَيَضْحَكُونَ ، وَرُبَّمَا تَبَسَّمَ " .)رواه أحمد
كثرة الكلام تبعد الانسان من القرب من الرسول
(، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ قَالَ : " الْمُتَكَبِّرُونَ " ،) قَالَ أَبُو عِيسَى : وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، وَهَذَا أَصَحُّ وَالثَّرْثَارُ ، هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ ، وَالْمُتَشَدِّقُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلَامِ وَيَبْذُو عَلَيْهِمْ . رواه الترمذي
ومما يدل على أن القول فعل قوله سبحانه { [url=javascript:Open_Menu()]وَلاَ تَقُولَنَّ لشيئ إني فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً[/url] } فأثبت للقول فعلا.
أما الفقراء العاطلون فحدث ولا حرج , كلامهم كثير , وأفعالهم وحركاتهم قليلة, لأن طاقتهم مهدرة , وبطاريتهم فارغة لو أرادوا أن يفعلوا أفعالا مفيدة .
وهنا نقطة مهمة جدا , هي أن الكلام والتحدث أمام الناس بما تنوي فعله مستقبلا - ولو كان أقرب المقربين إليك- سوف يعطل هذا مشروعك المستقبلي أو يؤخره عن زمنه ,وربما ينسفه نسفا , ولا يظهر مشروعك المستقبلي أبدا , ولا يظهر في حيز الوجود , بسبب لسانك , وبسبب التحدث به أمام الناس.
الواقع يثبت ذلك , والقرآن الكريم حافل بأن الصمت , وكتم نيتك وما تريد تحقيقه ,هو أقرب طريق إلى تحقيق وإبراز ما تنوي عمله مستقبلا على أرض الواقع , وعلى أرض الحقيقة , وذلك دأب وعادة الصوفية الذين تحققوا بفهم القرآن الكريم
نزول الوحي يتأخر عن الرسول
قال الشوكاني
قال المفسرون: لما سألت اليهود النبيّ صلى الله عليه وسلم عن خبر الفتية فقال: " أخبركم غداً " ، ولم يقل إن شاء الله، فاحتبس الوحي عنه حتى شقّ عليه، فأنزل الله هذه الآية يأمره بالاستثناء بمشيئة الله يقول: إذا قلت لشيء: إني فاعل ذلك غداً، فقل: إن شاء الله. وقال الأخفش والمبرد والكسائي والفراء: لا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن تقول إن شاء الله، فأضمر القول ولما حذف تقول نقل شاء إلى لفظ الاستقبال، قيل: وهذا الاستثناء مفرّغ، أي: لا تقولنّ ذلك في حال من الأحوال، إلا حال ملابسته لمشيئة الله وهو أن تقول إن شاء الله، أو في وقت من الأوقات إلا وقت أن يشاء الله أن تقوله مطلقاً، وقيل: الاستثناء جار مجرى التأبيد كأنه قيل: لا تقولنه أبداً كقوله:
{ وَمَا يكون لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلا أَن يَشَاء ٱللَّهُ }
[الأعراف: 89]. لأن عودهم في ملتهم مما لا يشاؤه الله.,
فالمعنى الصحيح للآية الكريمة , هو لا تتكلمن ولا تتحدثن عن نيتك ومشاريعك المستقبلية أبدا, حتى إنه لا حق لك أن تظهر نيتك المستقبلية ولو بالكلام , بل اصمت عن نياتك ونشاطاتك المستقبلية , ولا تتكلمن عنها ولا تتحدثن بها إلا بعد أن تظهر وتتحقق على أرض الواقع , وأرض الحقيقة , بعدها يصح ويحق لك أن تتحدث عن عملك الحقيقي , وفعلك على أرض الواقع , لأنه صار حقيقة وملموسا ومحسوسا على أرض الواقع , لا على أرض الخيال والأمنيات , وهو معنى قوله سبحانه (إِلا أَن يَشَاء ٱللَّهُ ) يعنى أبدا لا تتحدثن عن نيتك ونشاطك المستقبلي إلا بعد أن يتحقق ويظهر على أرض الواقع وتصير النية والمخطط ملموسا ومحسوسا, وليس معناه إذا تحدثت وتكلمت عن نيتك ومشاريعك المستقبلية ,قل إن شاء الله أنا سأبني مسجدا , ونحو ذلك فهذا المعنى مرغوب عنه ,ومعنى ضعيف . لأننا لا نعرف مشيئة الله , هل قضى الله في ازله أن يحقق ويظهرنشاطك المستقبلي أم لا؟ فقضاء الله غيب عنا, ولكن بعد أن تتحقق نيتك فتحدث بها أمام الناس وتكلم بها ,ومع ذلك فلن تعدم حاسدا سيحسدك , والأولى كتم النعم , وعدم ذكرها أمام الغرباء والاقرباء منك .لأن الناس يكرهون ويبغضون ويحسدون من هو أفضل وأنعم منهم . نحن في الدنيا , ولسنا في الجنة , الدنيا كلها حسد , فتح عينيك .
نهانا الله عن التحدث عن المستقبل لأمور
أولا-لأن المستقبل بيد الله سبحانه , ولا يدري الانسان بالمستقبل , هل يعيش أو يموت. فالمستقبل منطقة محظورة , هي حق لله سبحانه , فالعبد لا يجوز له التحدث والتكلم عن المستقبل , لأن الغيب لله وحده , فالعبد ضعيف لا يعرف المستقبل إلا إذا أخبره الله عن المستقبل بطريق الوحي.
ثانيا- لأن التحدث أمام الناس يؤخر تحقيق ما تنوي فعله , بسبب الحسد , أو ينسف نشاطك المستقبلي نسفا ,بسبب قوة حسد المستمعين والمنصتين لأعمالك المستقبلية , فلا يظهر على أرض الواقع أساسا.فيجب الصمت والسكوت عن التحدث بالمستقبل ,( ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٍ ") رواه أبو نعيم في الحلية
(، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى نَجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ لَهَا ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ " .) رواه البيهقي في الشعب
(، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى طَلَبِ حَوَائِجِكُمْ بِكِتْمَانِهَا ، فَإِنَّ لِكُلِّ نِعْمَةٍ حَسَدَةً ، وَلَوْ أَنَّ امْرَءًا كَانَ أَقْوَمَ مِنْ قَدَحٍ لَكَانَ لَهُ مِنَ النَّاسِ غَامِزٌ " . رواه أبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث
( ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى الْحَوَائِجِ بِكِتْمَانِهَا ، فَإِنَّ لِكُلِّ نِعْمَةٍ حَاسِدا " .)رواه حمزة بن يوسف السهلي في تاريخ جرجان
(عَنْ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَعِينُوا عَلَى إِنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ " .) رواه الطبراني
فيه دلالة على أن الحوائج تبطل وتفشل بالتحدث عنها , وبإخبار الناس بها , وسمعت رجلا تحدث أن زوجنه حملت منه بعد التحليل وكان عمر الجنين اسبوعين , ثم مرت الأيام , وسمعت منه أن زوجته أسقطت الجنين في الشهر السابع , ورأيته والحزن في وجهه.
الثالث- لئلا تسرق أفكارك ومخططاتك المستقبلية , فربما سمعها شخص فأخذ الفكرة واشتغل عليها وجعلها حقيقة ملموسة , وذهبت حقوقك الفكرية , وهو صار مليونيرا من فكرتك المسروقة , كما يقال عن الفيس بك , أن الفيس بك كان فكرة لصاحبين له فسمعها وعمل على إظهارها , وصار من أغنى أغنياء العالم.
حتى صحيح البخاري كان فكرة لشيخ الإمام البخاري رحمهم الله (قال البخاري : كنا عند إسحاق بن راهويه فقال : لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح .
فحفظا لحقوقك الفكرية اصمت واسكت عن أفكارك ونياتك المستقبلية ,
فجاء التأديب الفعلي لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأله اليهود ,واليهود كلهم شر , سألوا الرسول عن الفتية ؟ فقال أجيبكم غدا , فتأخر الوحي خمسة عشر يوما , نصف شهر , لم ينزل الوحي , حسدا من سماع اليهود ,أن الوحي ينزل على الرسول بكثرة , فحسدوه , فأدبه ربه سبحانه تأديبا فعليا بتأخر الوحي نصف شهر, وتأديبا قوليا بقوله سبحانه(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ
إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ ) هنا أكد الله سبحانه النهي بالقول عن التحدث عن النيات المستقبلية والمخططات بالنون الثقيلة بشدة النهي وزاد النهي تأكيدا بقوله (لشيئ) ولو كان شيئا ولو حقيرا فإنك سوف تجد حاسدا , وسوف تجد همة من مستمع أو منصت لكلامك سوف يؤخر نشاطك أو نيتك المستقبلية, ثم أكد النهي بتأكيد ثالث بقوله سبحانه(إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ ) ومشيئته سبحانه غير معلومة للخلق كلهم , فمعناه لا تقولن أبداولا تتحدثن مطلقا ولا تتكلمن أبدا لأي شيء ستفعله في المستقبل قريبا أو بعيدا إلا بعد أن يتحقق ويظهر على أرض الواقع (لكن يجوز لك التحدث عن مشروعك ونيتك بعد ظهوره وتحققه على أرض الواقع , ومع ذلك لن تعدم حاسدا , لأنك في دار الدنيا , والجاهل من يظن أن الناس ملائكة .
ويستفاد من هذا , أن من السنة كتم النعم عن الغير وعدم التحدث بها, خوفا من الحسد , وخوفا على الغير من السخط على ربهم ,وأما قوله سبحانه (وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ ١١) أي حدث وذكر بها نفسك حتى تشكر ربك كثيرا, ولا تتحدث بها أمام الغير خوفا من الحسد , وخوفا من سخط المستمعين على ربهم .
وليس المعنى جواز التحدث بالأمور المستقبلية بقولك مثلا سوف أبني مسجدا إن شاء الله , فهو معنى ضعيف , ومرغوب عنه, بل معناه اصمتن ولا تتحدثن أبدا عن نياتك ونشاطاتك المستقبلية بتاتا حتى تتحق وتظهر في أرض المحسوس والملموس.
هذا سيدنا موسى قال (قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا ٦٩)
ولم يصبر ولو أنه سكت وقال (الله أعلم ) ونحو ذلك , لقص الله علينا من خبره مع الخضر ألف قصة كما ورد بذلك الخبر, ثم أخبره الخضر بأن شرط صحبته الصمت والسكوت (قَالَ
فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسَۡٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا
٧٠)
وفي قصة موسى والخضر ذكر الصبر ومشتقاته سبع مرات ,لأن الصبرأساس النجاح والاتمام لكل فعل وعمل , ومن لم يصبر شقي وتعب .
سيدنا سليمان وكلامه عن نية في المستقبل
هذا سيدنا سليمان تحدث وأظهر نيته عن المستقبل , فبطلت نيته في 99% , وجاءت ناقصة في 1%
(، قَالَ : " قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ : قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ فَأَطَافَ بِهِنَّ وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ " .) رواه الشيخان
(" أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً ، فَقَالَ : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي ، فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلَامٍ ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " .) يعنى لو سكت وأتى وجامع زوجاته لولدت كل نسائه حميعا , وفيه دلالة , أنه يسن للانسان أن تكون نيته للمستقبل يكتمها عن أقرب المقربين إليه حتى عن نفسه , لأن الانسان يحسد نفسه , ويصيب نفسه بعينه , فعليه أن يصمت عن المستقبل , حتى يسلم ويتحقق أمره , ويفوز بتمام النعم عليه ,
ومن أكبر النعم على الانسان أولاده ولاسيما برهم وطاعتهم له, فيسن له ألا يتحدث عن صحتهم وبرهم وطاعتهم له أمام غيره ولو أخاه ,فإنه سوف يحسده , وينقلب حال اولاده بالعكس ,فيعقونه بسبب لسانه , وحسد الناس لهم , لأن الدنيا حسد مثل المطر, ومن النعم العظيمة طاعة ومحبة الزوجين لبعضهما , فلو تحدثا بذلك أمام الناس لسرت همة حاسد منصت للكلام , وقلبت حياتهما شقاء وتعاسة ,بسبب لسانهما وحسد الناس لهما ,لأن الناس مزجت دماؤهم بالحسد ,ونحن في الدنيا ,لسنا في الجنة ,والاحمق من يظن الناس ملائكة, فالصمت الصمت .
(، قَالَ : " كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً ، فَقَالَ : لَأَطُوفَنَّ عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَةَ فَتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، فَتَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ ، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " .) رواه مسلم
وسيدنا سليمان مع ملكه الكبير , ومع كثرة نسائه , لم يلد له الا نصف إنسان يعنى غلاما ليس له رجلان فقط انسان من رأسه إلى بطنه , يالطيف نسأل الله السلامة والعافية, وكان هذا الغلام أحب إليه من ملكه ونفسه والناس أجمعين , ولكنه مات هذا نصف الانسان في حياته .
(وَلَقَدۡ فَتَنَّا سُلَيۡمَٰنَ وَأَلۡقَيۡنَا عَلَىٰ كُرۡسِيِّهِۦ جَسَدٗا ثُمَّ أَنَابَ ٣٤)
قال الشيخ " كل من صحب الجن واستخدمهم ابتلي في أولاده , وكذلك كل من له تعلق بالملائكة والعالم العلوي أو السفلي ابتلي في أولاده .
وكذلك كل من رقى الناس , وقرأ عليهم ابتلاه الله في نفسه وولده بمصائب وأمراض , مشاهد , وهي سنة الله الكونية في خلقه, لذلك يكره للانسان أن يرقي ويقرأ على غيره لأن المرض ينتقل ويتحول إليه , بل كل مريض يرقي ويقرأ على نفسه ,هذه هي السنة المحمدية , والمسلم يرقي نفسه واولاده ومن هو مسؤول عنه , وأما غيرهم فالسنة ألا يرقيهم و لا يقرأ عليهم , بل يأمرهم أن يرقوا أنفسهم,
(: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " .) رواه الشيخان
وهذا ابراهيم أمر بذبح ابنه اسماعيل,( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٠٢)
وهذا سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مات أبناؤه الذكور صغارا أطفالا رضعا في حياته صلى الله عليه وسلم , حتى بناته صلى الله عليه وسلم متن جميعا في حياته صلى الله عليه وسلم إلا السيدة فاطمة الزهراء فعاشت بعده ستة أشهر بعده وماتت رضي الله عنها .
يا سلام يا مؤمن يا باطن يا ستار سلمنا وآمنا واحفظنا واسترنا من أمامنا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ومن تحتنا وفي بواطننا وفي أرواحنا وفي أجسامنا واحفظنا من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال واحفظنا بما لا طاقة لنا به يا ستار يا ستار يا ستار, والله أعلم
ahmed1115- عضو مشارك
- عدد المساهمات : 48
تاريخ التسجيل : 03/04/2016
مواضيع مماثلة
» أخلاق الرسول
» من طب الرسول صلى الله عليه وسلم
» مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
» المال والغنى والسعد والنجاح هنا في كلام الرسول
» صيغة عظيمه لرؤية الرسول صلى الله عليه وسلم وسير الى مراقى الخير
» من طب الرسول صلى الله عليه وسلم
» مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
» المال والغنى والسعد والنجاح هنا في كلام الرسول
» صيغة عظيمه لرؤية الرسول صلى الله عليه وسلم وسير الى مراقى الخير
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أبريل 21, 2022 12:17 am من طرف zohra
» حزب النصر الميرغني لعقد الألسن والدخول على الأمراء والوزراء ولو كانت السيوف على رأسه
الإثنين مارس 15, 2021 2:50 am من طرف محمد123
» تأتيك بالارزاق ولو كنت فى لجج
الخميس أكتوبر 29, 2020 5:14 am من طرف سوداني53
» مغناطيس الادعيه لسيدي محيي الدين بن عربي
الأربعاء أبريل 08, 2020 8:22 am من طرف ابو رجا
» الشيخ رسلان الدمشقي
الأربعاء أكتوبر 31, 2018 12:11 pm من طرف شاكر الدمشقي
» دعاء عظيم جميل لتفريج الكرب
الإثنين أكتوبر 22, 2018 1:39 pm من طرف محمديونس
» المال والغنى والسعد والنجاح هنا في كلام الرسول
الخميس مايو 10, 2018 9:10 pm من طرف Mohamad
» سر الشفاء بالتوسل بالزهاد الثمانيه
الأربعاء أبريل 25, 2018 8:36 pm من طرف AMAR20
» أفضل الذكر
الأربعاء ديسمبر 27, 2017 6:58 am من طرف سلمى